أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

سوق الزرابي بخنيفرة: حينما تُنسج خيوط الثقافة الأمازيغية بالصوف الخالص

 سوق الزرابي بخنيفرة: حينما تُنسج خيوط الثقافة الأمازيغية بالصوف الخالص


عندما نتحدث عن مدينة خنيفرة، عاصمة الأطلس المتوسط، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو غابات الأرز الشامخة، وبحيراتها الساحرة، وتاريخها العريق. ولكن، هناك كنز ثقافي واقتصادي ينسج خيوط أصالة المدينة، وهو "الزربية الزيانية". ولا يوجد مكان أفضل لاستكشاف هذا الفن من السوق المركزي للزرابي بخنيفرة.

هذا السوق ليس مجرد مكان لبيع وشراء السجاد، بل هو متحف حي ينبض بالتاريخ ويعرض مهارة النساء الأمازيغيات في المنطقة. إنه نافذة حقيقية على إبداع متوارث عبر الأجيال.

متحف حي للتراث الأمازيغي

ما يميز هذا السوق هو الحفاظ على طابعه التقليدي الأصيل. إنه أحد أكبر وأهم أسواق الزرابي المتخصصة في المغرب، ويقصده التجار والزوار والمهتمون بالتراث من كل مكان. بمجرد دخولك، ستجد نفسك محاطاً بأكوام من الزرابي الملونة، كل واحدة منها تحمل قصة مختلفة.

السوق هو الركيزة الأساسية للتراث اللامادي في الأطلس المتوسط، وهو النقطة التي تلتقي فيها الحرفيات من القرى المجاورة (خاصة من مريرت، أكلموس، والقباب) لعرض إبداعاتهن.

ما هي قصة "الزربية الزيانية"؟

الزربية الزيانية ليست مجرد غطاء للأرض، بل هي لوحة فنية وهوية ثقافية. إليك ما يميزها:

المواد الأولية: تُصنع بالكامل من الصوف الخالص عالي الجودة الذي تشتهر به المنطقة.

الألوان والرموز: تعتمد الكثير من الزرابي التقليدية على الأصباغ الطبيعية. يطغى عليها اللون الأحمر القاني، إلى جانب ألوان زاهية أخرى كالبرتقالي والأصفر والأسود.

التصاميم: تتميز بأشكال هندسية بسيطة (مثل المعين، المثلثات، والمربعات) التي لا تتبع تصميماً دقيقاً، بل تنبع من إلهام وذاكرة الحرفية التي تنسجها، مما يجعل كل قطعة فريدة من نوعها.

قلب الاقتصاد المحلي النابض
يلعب سوق الزرابي دوراً اقتصادياً حيوياً في خنيفرة. إنه يوفر مصدراً للدخل لآلاف الأسر في المناطق القروية، ويمكن النساء الحرفيات من تحقيق استقلالية مادية.

شراء زربية من هذا السوق لا يعني فقط اقتناء قطعة فنية، بل يعني أيضاً دعماً مباشراً لهؤلاء النساء وللحفاظ على هذا الفن العريق من الاندثار في وجه المنتجات العصرية.

دليل الزائر: تجربة "الدلالة"
للزوار الراغبين في عيش تجربة أصيلة، السوق مفتوح يومياً، لكن الحدث الأبرز الذي لا ينبغي تفويته هو المزاد العلني أو "الدلالة".

ما هي "الدلالة"؟ هي عملية بيع تقليدية يقوم فيها "الدلال" (الوسيط) بحمل الزرابي والتجول بها بين التجار والزوار في السوق، معلناً عن آخر سعر وصلت إليه.

أفضل وقت للزيارة: على الرغم من أن السوق مفتوح طوال الأسبوع، فإن يوم السبت (خاصة في فترة ما بعد الظهيرة) يُعتبر تقليدياً يوم المزاد الكبير "الدلالة"، حيث يجتمع أكبر عدد من البائعين والمشترين، وتكون الأجواء في أوج حيويتها.

نصيحة: حتى لو لم تكن تنوي الشراء، فإن مشاهدة "الدلالة" هي تجربة ثقافية فريدة تظهر لك كرم وضيافة أهل المنطقة وطريقتهم التقليدية في البيع والشراء.

خاتمة
سوق الزرابي بخنيفرة هو أكثر من مجرد معلم تجاري؛ إنه ذاكرة حية، ورمز لفخر منطقة زيان، ودليل على أن التقاليد يمكن أن تظل حية ومزدهرة. زيارتك له هي رحلة عبر الألوان والرموز، ودعم مباشر لكنز ثقافي مغربي أصيل.





Khenifra ph
Khenifra ph