تعتبر "القصبة الزيانية" واحدة من أبرز المعالم التاريخية والعسكرية في قلب مدينة خنيفرة، فهي ليست مجرد أسوار وأبراج قديمة، بل هي سجل حي يروي فصولاً من تاريخ المقاومة المغربية ضد الاستعمار. تقع هذه المعلمة شامخة على ضفاف واد أم الربيع، شاهدة على حقبة مفصلية من تاريخ قبائل زيان وتاريخ المغرب.
تاريخ القصبة وأهميتها الاستراتيجية
لم تكن القصبة الزيانية مجرد بناء، بل كانت المركز الإداري والعسكري النابض لقبيلة زيان. من هذا المقر، كانت تُدار شؤون القبيلة وتُتخذ القرارات المصيرية. موقعها الاستراتيجي وسط خنيفرة، بالقرب من الموارد المائية (واد أم الربيع)، جعل منها حصناً منيعاً ونقطة انطلاق للعمليات العسكرية.
موحى أوحمو الزياني: القائد الذي ارتبط بالقصبة
لا يمكن ذكر القصبة الزيانية دون ذكر اسم القائد الأمازيغي الفذ "موحى أوحمو الزياني". كانت هذه القصبة مقره الرئيسي للقيادة قبل وأثناء فترة المقاومة الشرسة ضد الاستعمار الفرنسي. شهدت جدرانها اجتماعات تاريخية وقرارات حاسمة رسمت ملامح المقاومة في جبال الأطلس المتوسط. لقد كانت رمزاً لسيادة الزعيم "موحى أوحمو" ورفضه لأي تدخل أجنبي.
الهندسة المعمارية: مزيج من الأصالة والقوة
تتميز القصبة بهندسة معمارية فريدة تمزج بين الأسلوب التقليدي الأمازيغي ومتطلبات الحياة العسكرية. بُنيت بأسوار عالية ومتينة، ودُعّمت بأبراج مراقبة دفاعية تطل على محيط المدينة والنهر. تعكس مواد البناء المحلية (كالطين والحجارة) هوية المنطقة وقدرة الأجداد على التكيف مع بيئتهم.
القصبة اليوم: نداء للحفاظ على الذاكرة
في يومنا هذا، لا تزال القصبة الزيانية قائمة، لكنها تحمل على جدرانها آثار الزمن. إنها تقف كرمز خالد لهوية خنيفرة وتاريخها النضالي. ورغم أهميتها، إلا أنها أصبحت في حاجة ماسة للترميم والصيانة لإعادة الاعتبار لهذا الإرث التاريخي. إن الحفاظ على القصبة ليس مجرد حفاظ على حجارة، بل هو حفاظ على ذاكرة جماعية لبطولات قبيلة زيان والمقاومة المغربية.
خاتمة
تبقى القصبة الزيانية بخنيفرة شاهداً على أمجاد الماضي، ورمزاً للارتباط العميق بين الأرض والإنسان. إنها دعوة مفتوحة للأجيال الجديدة لاستكشاف تاريخهم والافتخار به، ونداء عاجل للجهات المعنية للاهتمام بهذه الجوهرة التاريخية.
